الاثنين، 7 مارس 2011

مشايخ السلطان

هيئة كبار العلماء في السعودية أصدرت فتوى تقول فيها بتحريم التظاهر ضد الحكام وتقول ان الأسلوب الشرعي والذي لا توجد معه مفسدة هو المناصحة, اي ان على الشعب المظلوم والمقهور والمسلوبة حقوقه ان يذهب لظالمه وسارقه وناهب حقوقه وان ينصحه بعدم فعل ذلك وان لم يقبل فعليه ان يستمر بنصحه ويستمر بنصحه حتى يموت الطاغية من الضحك عليه.
لا اعلم عن اي اسلام يتحدث هؤلاء المشايخ والعلماء؟ هل الاسلام يعني الخنوع والخضوع والقبول بالتخلف وفقدان الحقوق وعدم الوقوف في وجه السلطان الجائر؟
اين الكلام بأن افضل الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر؟
واين الحديث الذي يقول من شاهد منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان؟
هل محاربة المنكر عند هؤلاء العلماء هم  هؤلاء المطوعين الذين يتخصصون بتكريه الناس في دينهم بامساكهم بالقشور وتغاضيهم عما عظم؟
منذ زمن طويل وانا مقتنع ان هذه النوعية من العلماء لها الدور الاكبر بتخلفنا كعرب وكمسلمين وبسكوت الشعوب عن ظلامها طيلة هذه العقود, وفي أمثال هؤلاء يصح قول ماركس بأن الدين افيون الشعوب.
الدين يصبح افيونا حينما يستغله علماؤه لتخدير المؤمنين وجعلهم مستكينين ضعفاء لا يطلبون حقوقهم التي أعطاهم اياها الله طمعا في جنة الآخرة, وكأن من يرفع صوته مطالبا بحقه في الدنيا يكون متجاوزا مقاصد الشريعة والدين, او كأن الدنيا خلقت لنا ليداس علينا فيها من حفنة من الحكام الذين لا يعرفون دينا ولا إلها الا مصلحتهم وما يبقيهم على كراسيهم.
هؤلاء المسمون علماءا لا نسمع اصواتهم الا في فتاوى تثبيت سلاطينهم او في فتاوى الفتنة بين المسلمين كما في فتاويهم عن الشيعة والمتصوفين وكل من لا يوافق أهواءهم, ونشاهدهم بعد ذلك في كلام سفسطائي عن فروع الدين وعن احكام يضيقون على المسلمين فيها ما استطاعوا لذلك سبيلا, اما في قضايا الشعوب والحقوق والأمم الكبيرة فلا نسمع لهم صوتا ولا نقرأ لهم فتاوى.
هذا الكلام لا ينطبق فقط على هيئة علماء السعودية ولكنه ينطبق على كل مشايخ السلطان في كل مكان وهم كثر في زمننا ودورهم في تجهيل شعوبهم وتضليلهم عن معرفة حقوقهم لا يخفى الا على جاهل او أحمق, يميلون ما مال ولاة أمرهم وليس القرآن ولا السنة ما يحدد مسارهم وكلامهم, ولكنهم يبحثون بالكتاب والسنة عما يمكن ان يخدم ما يريدهم سادتهم فإن لم يجدوا فلا بأس لديهم من تحميل النصوص ما لا تحتمل او تفسيرها بما يحققق أهدافهم.
أمثال هؤلاء ليسوا أقل سوءا من سادتهم ولا اقل خطرا منهم, والشعوب التي تثور على حكامها الطغاة لن تستثني من ثوراتها أدوات هؤلاء الحكام ومنها مشايخهم, الاسلام ليس دينا للضعفاء ولا للخانعين ولا هو دين تأليه الفرد وعدم محاسبته على افعاله كائنا من كان, ومن يريده كذلك فهو ليس منه في شيء.
منذ أيام الخلافة وأمثال هؤلاء موجودين فلم يعدم الخلفاء يوما من يفتي لهم بقتل معارضيهم وسحق شعوبهم باسم الاسلام, وكان هؤلاء دوما منحنين للغالب من الملوك لا تحركهم الا مصالحهم ورغباتهم الدنيوية ولكن حكم التاريخ عليهم كان قاسيا وحكم الآخرة عليهم سيكون أقسى.
الشعوب من جهتها لم تعد تشتري مثل هذا الكلام الا من قبل بأن يعطل فكره الذي أعطاه الله إياه وقبل بأن يساق من مشايخه وحكامه كالخراف, اما عموم الشعب فأصبحت تميز المتاجرين بالدين وتتجاهلهم مع فتاويهم, فالانسان الذي كرمه الله بالعقل يستطيع تمييز الخبيث من الطيب وتمييز ما هو مناف للعقل والمصلحة.
فليفتي هؤلاء بما يشاؤون, فمفاتيح الجنة ليست بأيديهم حتى يدخلوا اليها من يشاؤون ويحجبوا عنها من يشاؤون, وسوف يثور الثوار في كل أرض فيها ظلم وحق مسلوب, ويوم القيامة لنا جميعا رب يحاسبنا ويعطي كلا على مقدار نيته وعمله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق