لا أذكر من القائل ان أمة لا يوجد من هو مؤهل لحكمها الا حاكمها هي امة تستحق الفناء
حتى ولا اعرف ان كنت صغت العبارة بالشكل الصحيح ولكني أكيد من أن معناها الصحيح حتما لم يصل نهائيا لكل الرؤساء والزعماء العرب, فهم جميعا دون استثناء يظنون ان بلادهم سوف تدخل في دوامة الفوضى دون وجودهم وانه لا احد مؤهل لتولي مسؤولية الحكم سواهم, لأنهم ضمانة الاستقرار والطمأنينة
طبعا لا نحتاج لكثير من الشرح والتفسير لنقول ان هذه الفكرة هي هراء كامل, ولكن المشكلة ان هذه الفكرة تجد لها صدى عند جزء من الشعوب, فعندما تتحدث مع البعض عن الظلم والفساد والقمع المميز لهذا النظام او ذاك فإنهم يوافقونك الرأي ولكنهم يقولون بالنهاية ان البديل لن يكون افضل
لا اعرف لماذا البديل لن يكون افضل ولا اعرف اساسا من اقنع شعوبنا انه من الطبيعي ان يكون الرئيس او الملك هو الحاكم بأمر الله على الارض وكأن الدنيا لم تتقدم وكأن البشرية لم تعرف فكرة الانظمة السياسية التي لكل فيها دوره وقراره وسلطاته والتي لا تتجمع فيها كل السلطات بيد رجل واحد
الآن هبت رياح التغيير العاصفة على المنطقة والبلاد التي تحركت فيها الشعوب اصبح من المتعذر على حكامها تدارك ما فاتهم الا بصعوبة والاغلب ان مطلب اسقاط النظام الذي اصبح صيحة القرن الواحد والعشرين المفضلة سوف يكون الفيصل في هذه الدول
ولكن هناك دول أخرى ما تزال هادئة ومستقرة وهذا لا يعني انتفاء اسباب الثورة فيها بشكل كامل ولكنه يعني ان الاوضاع فيها لم تصل لدرجة الانفجار حتى الآن, ومن هذه الدول سوريا
مما لا شك فيه ان اهم اسباب استقرار الاوضاع في سوريا حتى الآن هو شعور اغلب الشعب بأن سوريا كدولة مهددة بالفعل من الخارج وايضا السياسة الخارجية السورية قريبة الى حد بعيد من نبض الشارع وهو امر وصفه الرئيس الاسد بشكل صحيح في آخر مقابلاته مع صحيفة وول ستريت جورنال
وايضا بنفس المقابل تحدث الاسد عن ضرورة الاصلاح وكان كلامه بشكل عام كلام جيد ومنطقي ومنظم الافكار لحد بعيد وهو امر اعتدنا عليه في مقابلات وكلمات الرئيس الاسد
ولكن لا قرب السياسة الخارجية من نبض الشارع ولا كلمات الرئيس الاسد المطمئنة والمنطقية تكفي بعد الآن, المطلوب في سوريا اصلاحات جذرية وحقيقية تمس كل مناحي الحياة
حاليا في سوريا الحديث دائما يدور حول الاصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد وهما عنوانان غاية بالاهمية وحتى الآن لم نشاهد نتائجهما الفعلية على الارض, ولكن هذين العنوانين لا يكفيان بكل تأكيد
العنوان الاكبر والاساسي الذي يجب ان تدور حوله الاحاديث هو الاصلاح السياسي واطلاق الحريات العامة مع ما يستتبع ذلك من اجراءات تكفل تحقيق هذا المطلب الرئيسي
سياسة الحزب الواحد ومجلس الشعب الصوري والعقليات الامنية التي تسيطر على البلد أصبحت جزءا من الماضي ويجب ان نتجاوزها لنعيش في هذا العصر
اغلبية الشعب السوري حاليا تشاهد ما يجري حولها في المنطقة وتتفاعل مع الاحداث وتنتظر ردة الفعل الحكومية حول ما يجري, والأكيد ان الحكومة ايضا تتابع ما يحدث وتتفاعل معه ولكن السؤال هو كيف ستكون ردة الفعل من قبل الحكومة (ولا اعني بكلمة الحكومة مجلس الوزراء بكل تأكيد لأنه اضعف من ان يأخذ قرارات على هكذا مستوى)
أسوأ ما يمكن ان يحدث هو ان يرتكب النظام نفس اخطاء باقي الانظمة العربية وان يعتبر ان سوريا حالة مختلفة وان الامور يمكن ان تبقى على حالها, بل وان يزيد النظام من قبضته على كل شيء في محاولة لاظهار قوته وقدرته لأنه بهذا قد يؤخر الانفجار بعض الوقت ولكنه سيجعله حتميا بالنهاية
اما ما يجب ان يحدث فهو البدء الفوري والسريع باصلاحات بمختلف المجالات واولها المجال السياسي, لم يعد مقبولا الحديث عن اصلاح بطيء يأخذ فيه قانون الاحزاب اكثر من ستة سنوات للنقاش وهذا مثال لا اكثر
جميعنا شاهدنا ماذا حدث لرجال الامن في مصر امام انفجار غضب الناس, علما ان المؤسسة الامنية المصرية هي الاقوى والاكثر تجهيزا وتدريبا في المنطقة, وبالتالي يجب التخلص نهائيا من العقلية الامنية في ادارة الامور لأنه في لحظة الانفجار رجل الامن العادي سوف يهرب فورا, اما رجل الامن المجرم فسوف يرتكب عدة جرائم قبل ان يهرب.
الكرة الآن في ملعب النظام وأتمنى ان تبقى معه وان يتصرف بها بشكل محترف لأنها اذا انتقلت للشعب وللشارع فعندها لن تنفع الوعود ولا كلمات فهمتكم ولا الحديث عن مؤامرات كونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق