الخميس، 7 أبريل 2011

سوريا حالة خاصة

هذه الجملة هي اكثر الجمل المحببة للنظام في سوريا حاليا, فنحن لسنا تونس ولا مصر ولا اليمن ولا ليبيا ولا اي دولة اخرى
فالشعب السوري برأي قيادته هو شعب لا يهمه الا مطالبه المعيشية وأن يأكل ويشرب, وبالتالي تعمد الحكومة ومن يطبل باسمها الى اختصار كل ما يريده السوريون ببضعة مطالب معيشية واجتماعية وبالتالي نرى ما تقدمه الحكومة وكأنه استجابة لهذه المطالب
اما اخواننا من العرب المتضامنين مع شعبنا ففي اغلبهم للأسف لا يرون في سوريا الا مكانا لتنفيس عقدهم الطائفية, فمن خلال جولة على تعليقات الاشقاء العرب على ما يجري بسوريا نجد الخطاب الطائفي لديهم هو اكثر الخطابات وضوحا لديهم وفورا يبدو الأمر لديهم وكأنه ثورة السنة على العلويين وعلى الحلف مع الشيعة المتمثلة بايران وحزب الله
وفي هذه النظرة ازدراء للشعب السوري يماثل ازدراء قيادته له باعتباره شعبا جائعا 
يساعد هاتين النظرتين (نظرة القيادة السورية ونظرة بعض الاخوة العرب) ان لها وجودا بين السوريين, الوجود محدود بكل تأكيد ولا يشكل اغلبية ضمن السوريين ولكن تواجده يعطي كلا الطرفين فرصة لتأكيد مقولاتهم.
فمن ناحية نجد بعض السوريين باعوا دم الشهداء وحرية المعتقلين وحقوقهم المسلوبة من عشرات السنين بزيادة راتب وبكلمات عن الاستقرار لا تقنع طفلا صغيرا ولكنها تقنع من يبحث عن اي كلمة تعطيه مبررا لسكوته.
وكذلك نجد البعض ممن لا يرى في الناس الا طائفتهم وعرقهم, ويصنفهم على هذا الاساس ويعتبر ان حركة الشعب السوري يجب ان تسير على هذا الاساس.
هذا بالضبط ما يجعل حركة السوريين (التي لم تصل لدرجة الثورة بعد برأيي الخاص) حالة خاصة بالفعل
فنحن السوريون مطالبون بكسر حاجز الخوف الذي تضخم بعد عقود من الصمت والقمع والجرائم التي ارتكبت بحق هذا الشعب العظيم, وقد حققنا هذا الهدف بنجاح باهر
والآن نحن مطالبون بأن نضع النظام امام حقيقة اننا لسنا شعبا دني النفس, نبيع دماء اخوتنا وحقوقنا من اجل امور اجتماعية هي حق لنا اولا وآخرا كما ان لنا حقوقا أخرى اهم واكثر استعجالا في مجال الحريات والحقوق السياسية ومحاربة الفساد الذي وصل لأعلى القيادات مما جعل من استئصاله عملية جراحية معقدة وخطيرة ولكنها ضرورية لانقاذ الوطن.
وفي نفس الوقت نحن مطالبون بأن نجعل كل من يفكر بالطائفة قبل الوطن أن يفهم اننا كسوريون شعب متعدد الاعراق والطوائف وهذه ميزة لنا لا علينا, وقد عشنا الاف السنين بهذه التعددية وسنعيش فيها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها, والتفكير بأننا نتحرك للانتقام من طائفة او لمواجهة طائفة هو تفكير مريض لا يخدم احدا.
--------------
اليوم هو الخميس وغدا يوم جديد يتوقعه البعض تجديدا للتحركات الاحتجاجية ويتوقعه البعض الآخر ان يمر كأي يوم آخر وان تبدأ حركة الاحتجاجات بالتراجع.
شخصيا وبغض النظر عن امنياتي فأنا لا اتوقع تصاعدا في حركة الاحتجاجات ولكن هذا لا يعني ان الازمة انتهت ولكنني اتوقعها ان تهدأ هذه الفترة, وهذا الأمر ان حدث فهو فرصة للقيادة لاستيعاب ما جرى ومحاولة انقاذ الوضع بتحقيق المطلوب دون الوصول للحظة الانفجار التي ستوصلنا مع النظام لنقطة اللاعودة
لا اتوقع ان يفهم النظام ذلك واتوقع ان يرى في تراجع الاحتجاجات (ان حدث هذا الامر) انتصارا له, واساسا ادارة الازمة في القيادة السورية كانت قمة بالارتباك وتدعو للرثاء حقيقة, وبالتالي فحتى لو هدأت الامور على السطح الآن فإنها سوف تستمر بالغليان تحت قشرة الهدوء الرقيقة
الشعب السوري كسر حاجز الخوف للأبد, وما جرى قبل ثلاثين عاما لن يجري اليوم, والكرة الموجودة اليوم بملعب النظام لن تعود بملعبه بعد فترة, لا يمكن لأي نظام حتى لو كان النظام السوري ان يقف ضد رياح التغيير التي اجتاحت المنطقة متأخرة عن موعدها عشرات السنين.
في انتظار يوم الغد لنرى هل ستصدق توقعاتي ام امنياتي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق